-الفكر الإسلامي
إن نظرة الإسلام لا تختلف تماما عن الآراء التي استعرضناها و لكن له ميزة خاصة في كونه يتجاوز ذلك القول إلى شيء آخر.
إننا إذا تصفحنا القرآن الكريم فما من موضع ذكر فيه الإنسان إلا و جاء مقترنا بصفة ذميمة. "والعصر إن الإنسان لفي خسر" "وكان الإنسان أكثر شيء جدلا" "إنه كان ظلوما جهولا" "خلق الإنسان من عجل" "يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم"...
يؤكد القرآن الكريم أن الميزة الخاصة للإنسان هي الأنانية التي هي مصدر كل شر "خلق الإنسان هلوعا إذا مسه الخير منوعا و إذا مسه الشر جزوعا" (سورة المعارج الآيات 19-20-21 ). فالإنسان يرغب دائما في الحفاظ على الحياة في العيش وتوفير وسائله باستمرار فالبقاء للأصلح و الأصلح هو الأقوى.و من مظهر هذه الأنانية نجد نكران الجميل و هو لا يراعي سوى مصلحته,"وإذا مس الإنسان ضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما,فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه"(السورة 10 الآية 12). "ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناه منه إنه ليؤوس كفور"(السورة11 الآية 9-10).
و الغريب من كل ذلك هو أن هذه الأنانية لا تموت بموت الإنسان و لكنها تبعث معه من جديد يوم القيامة بل تكون أشد "يوم يفر المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه,لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه"(سورة المعارج الآية 34-37).
إن الميزة التي تميز النظرة القرآنية للإنسان هي أنه لا يقف عند هذا الجد في وصف وتقرير مقوقف الإنسان من الشر و الخير. و لكنه بعد استعراض طبيعة الإنسان تدخل ليوضح أنه رغم ذلك فإن الإنسان ليس ميالا إللى الشر ميلة واحدة وذلك لأن الإنسان يدرك أنه يجب أن لا يكون ذلك الشر و بالتالي يجب محاربته و مقاومته, أي يجب فعل الخير للقضاء على تلك الأنانية. و بذلك استحق الإنسان تحمل الأمانة وبها تشرف و تكرم عن باقي الحيوانات و المخلوقات و إلا فإنه واحد منهم.
إن تحملهذه الأمانة هي التي جعلته يكون خليفة لله في الأرض. ويعتبر العقل الاعي الذي زود به مسألة أساسية و حاسمة في ماهية الإنسان