الناصري يكشف بعض أوراق إصلاح القضاء في أول استجواب له [center]
وزير العدل محمد الطيب الناصري في حوار مع مجلة "عدالة جوست"
]
قال وزير العدل محمد الناصري في حوار خص به مجلة "عدالة جوست" إن المشاكل موجودة في سلك القضاء لكنه كوزير معين من قبل الملك منذ أزيد من سنة على رأس وزارة العدل "يعيش على الأمل". وزاد الناصري قائلا :" اعتبر نفسي بكل تواضع شاهد عصر لأنني منذ بداية الستينيات عندما انخرطت في مهنة المحاماة عايشت العديد من المحاكمات التي جرت في بلادنا والتي عرض خلالها مجموعة من المواطنين من تيارات مختلفة، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، للمحاكمة. واعتبرت أن تنصيبي للدفاع عن هؤلاء المتابعين الذين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر هو دفاع عن الوطن، هو دفاع عن نظرتي لوطني، وما كنت أتمناه لوطني. ولهذا، أرى أن المهمة التي تفضل جلالة الملك بتكليفي بها هي مواصلة النضال من أجل تحسين أوضاع العدالة في بلادنا، وأعني بالعدالة جميع مكوناتها حيث لا أقصد القضاة فقط وإنما كل المكونات من موظفي العدل والمهن المرتبطة بالقضاء".
وأعرب وزير العدل عن اعتقاده بأن عملية إصلاح القضاء تستلزم التشخيص وتقييم آليات الاشتغال في أفق إيجاد الحلول التي تقتضيها عملية الإصلاح، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي ليوم 20 غشت 2009 شكل خارطة طريق واضحة لستة مجالات ذات الأسبقية في الإصلاح وهي :تعزيز ضمانات استقلال القضاء وتحديث المنظومة القانونية وتـأهيل الهياكل القضائية والإدارية وتـأهيل الموارد البشرية مرورا بالرفع من النجاعة القضائية وانتهاء بترسيخ التخليق، وفي السياق قال الوزير إن وزارة العدل توصلت هذه السنة بـ10 ملفات من السيد الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات وقد اتخذت بشأنها الإجراءات اللازمة وشدد الناصري على أن إنجاح الإصلاح في ميدان صعب ومتشعب بحجم القضاء يقتضي منهجية واضحة للتفعيل وتحديد دقيق للأولويات وتتبعا مستمرا للتطبيق، ولكنه يستلزم قبل كل ذلك توفر إرادة كل المعنيين للانخراط الفعلي في الإصلاح والتزامهم بتحقيق أهدافه وحشد الذكاء الجماعي لإنجاحه.
وردا على سؤال حول تعامل وزير العدل مع بعض القضايا بمنطق "المحامي" وتساهله مع حالات الإضراب المستمرة من طرف كتاب الضبط قال الناصري :"أعتقد بأن الإنسان أحيانا يتبنى بعض القضايا عندما يعتبر مثلا أن هناك قضية عادلة، وكما تبنيت قضايا أناس عرضو على المحاكم فإني أعتبر بأن قضية كتابة الضبط تحتاج إلى نوع من الاهتمام الخاص، فهي جهاز تقريبا كان موضوع إهمال لسنين طويلة إن لم أقل لعقود، حيث وقع شرخ بين مهنة الوظيفة في كتابة الضبط والمهام القضائية وإذا كانت الأوضاع المادية للقضاة قد تحسنت فإن الأوضاع المادية لكتابة الضبط لم تتحسن، والتي تعتبر أحد المكونات الأساسية لجهاز القضاء ولا تفترق عنه، بل يستحيل أن تنعقد جلسة للمحاكمة كيفما كان نوعها بدونها، باستثناء القضايا التي يبت فيها رئيس المحكمة في القضايا الولائية بناء على الفصل الـ148 من قانون المسطرة المدنية، مما يعني أن جميع القضايا لا يمكن أن تنعقد الجلسة (سواء كانت فردية أو جماعية) دون حضور كاتب الضبط وما دمنا ننادي باستقلال القضاء، فلا يتصور أن يكون هناك استقلال للقضاء دون أن يكون هناك استقلال للقضاء دون أن يكون من ضمنه جهاز كتابة الضبط، ونظرا للوضعية المزرية لكتابة الضبط ، فإني تبنيت هذه القضية ودافعت عنها أمام الوزير الأول ووزير الاقتصاد والمالية والمسؤولين بمجلس الحكومة". كما انتقد وزير العدل بشدة لجوء بعض المحامين للتصرف في ودائع زبنائهم وقال :"لا أتصور شخصيا أن يتصرف المحامي في ودائع الناس لأن ذلك يعتبر خيانة للأمانة، لقد أخبرت مسؤولي جمعية هيئات المحامين بالمغرب حينما استقبلتهم بمقر وزارة العدل ، بأنه إذا تم حل المشاكل رضائيا من طرف المحامين وأدوا لموكليهم المبالغ التي تنوبهم فإني كرئيس للنيابة العامة سأطلب من هذه الأخيرة عدم الالتفات إلى القرارات التي تتخذها هيئات المحامين في الموضوع، لكن إذا لم تقم الهيئات المعنية بذلك ولم يستجب المحامون المعنيون لطلبات أداء ما بذمتهم فلا بد أن تتدخل النيابة العامة، لكونها تتبع ملفات المهنة، إما لحثهم على الأداء وإما بتقديمهم إلى المحاكمة كباقي الناس". وأعلن وزير العدل عن وجود ‘رادة لدى وزارته لإحداث تفتيشات جهوية وتدعيم التفتيش المركزي بعدد أكبر من القضاة الذين يتم انتقاؤهم عادة من قضاة الدرجة الاستثنائية مشيرا إلى أن التفتيش لا يعني إطلاقا التدخل في سير القضاء، لأن هذه العملية تقع بعد صدور حكم أي أنه يكون بعديا وينصب حول دراسة الملف ومحتوياته. وردا على سؤال حول مآل قضية القاضيين الموقوفين قبل أسابيع من مزاولة مهامهما قال الناصري :"إن أمر هذين القاضيين معروض على المجلس الأعلى للقضاء ليبث فيه، ولا يمكنني أن أتحدث عن قضية معروضة على المجلس الأعلى للقضاء".
وحول قضية التكوين والتكوين المستمر، قال الناصري :"نحن نقوم حاليا بدراسة تتعلق بتطوير التكوين القضائي الذي لا يقتصر على القضاة وحدهم كمكونين ومؤطرين بل يجب أن ينضاف إليهم كذلك بعض الأساتذة الجامعيين والمحامين المتميزين وكذلك بعض المهنيين الآخرين الذي يمكن أن يفيدوا في تكوين القاضي، حيث يجب أن يكون تكوينا متعدد الجوانب، ورغبتنا في تطوير هذا التكوين جعلتنا نفكر في إنشاء مركب جامعي حيث اقتنينا أرضا بخمسة هكتارات، ليكون مركزا إشعاعيا يتكون فيه ليس القضاة فقط، بل كذلك مختلف مساعدي القضاء، بمن فيهم المحامون لأنه لا يعقل أن ينص قانون المحاماة على أن هناك شروطا لولوج المهنة يجب أـن تتوفر في المرشح من ضمنها الحصول على الإجازة لكن شهادة الأهلية تسلمها مؤسسة تحدث بمقتضى نص تنظيمي إلا أنه بالرغم من كون هذا النص يرجع تاريخه إلى أكثر من 17 سنة، فإن هذه المؤسسة لم تحدث وهذا الأمر يعود السبب فيه إلى الحكومة يعني وزارة العدل من جهة وكذلك إلى المحامين".
عن اخبار اليوم