جاء هذا النص ردا على أخت طرحت موضوعا عن طبيعة العلاقة بين الأخ وأخته .
إن العلاقة بين الأخ وأخته لا تخرج عن إطار علاقة "الإنسان بالإنسان" لأن اللأخ و الأخت كيفما كان إطارهما المرجعي أو بيئة نشأتهما او زمان وجودهما فإن صفة "الإنسان" تبقى لصيقة بهما و عليه فإن الحكم على طبيعة العلاقة التي يجب أن تكون ناشئة بينهما يستلزم قراءة سريعة في طبيعة وماهية هذا الإنسان نفسه.
لقد أجمعت معظم الدراسات الأنطروبولوجية (دون أن أستعرضها هنا) على أن الإنسان,كيفما كان, له طبيعة شريرة, أبا كان أو أما, أخا كان أو أختا, زوجا كان أو زوجة. فالإنسان يتميز بالأنانية و حب الذات و السعي إلى السيطرة على الآخر بجميع الوسائل المشروعة والغير المشروعة بل الأكثر من ذلك فهذه الأنانية تبقى ميزته حتى يوم القيامة,بل تكون أشد, فينكر أقرب الأقربين إليه " يوم يفر المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته وبنيه لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه" سورة المعارج. و لهذا جاء الدين لكي يؤسس لمجتمع مدني متضامن و متسامح و للقضاء على هذه اللأنانية و إشاعة روح التضحية.
و في كل حال من الأحوال فإني أرى بأنه إذا كانت هذه العلاقة ناشئة لا محالة فإنه يجب أن تكون في إطار يحدد فيه كل واحد من الأخ و الأخت ما له وما عليه و الحدود التي لا يمكن تجاوزها وإلا فإن هذه العلاقة ستنتهي بالصراع. ورغم ذلك كله فإن التعامل يجب أن يكون بحذر لأنه في آخر المطاف فإن ذلك الأخ أو تلك الأخت يبقى إنسانا و الإنسان لا يؤمن شره أبدا
ومن جهة أخرى وانطلاقا من تجربتي الخاصة فإني أعتقد بأنه ليس هناك داع لإقامة هذه العلاقة أصلا فكل واحد من الأخ و الأخت له نظرته الخاصة للحياة ونمطه الخاص في العيش وقد تجد الأخر لا يحب من يشاركه في أموره بل أكثر من ذلك فما قد يجده الفتى عند فتاة أخرى قد لا يجده عند أخته و العكس صحيح. و لكن المبدأ الذي أدافع عنه هو المساواة في الحرية بين الذكر و الأنثى و في الإطار الذي يحدده الدين و الأعراف و التقاليد التي يتفق عليها الجميع. فكما أن الأخ حر في اختيار الآخر الذي سيتعامل معه فإن لأخت كذلك نفس الحرية, وعكس هذا نعيشه اليوم في مجتمعاتنا التي تغض النظر عن التحرر الشبه المطلق للذكر وتشدد على تزمت الإناث وهذا يولد مشاكل اجتماعية و نفسية لا مجال لذكرها هنا.
وفي الأخير فإن "مفتاح الحوار والسلم الأسري" هو الإنفتاح على الوالدين الأب و الأم دون أن ننسى بأنه لا مجال للثقة المطلقة في الآخر, كائنا من كان, مادام يحمل صفة إنسان.