يسود العالم المعاصر موجة من النشاط التقني القائم على نشاط علمي مكثف، وصلت به إلى حد الثورة التقنية التي شملت جميع ميادين الحياة على كوكب الأرض بل تعدت ذلك إلى كواكب أخرى في هذا الكون الفسيح، مما دفع عدداً من العلماء إلى تسمية هذا العصر الذي نعيشه الآن بـ"عصر التقنية المعلوماتية".
ويعتبر التعليم الإلكتروني من الاتجاهات التربوية والتقنية التي أحدثت وستُحدث تغيرات مستقبلية إيجابية في مجال التربية والتعليم، وستؤثر على كثير من المسلمات القديمة في المفاهيم والأفكار التربوية والتعليمية، مما دفع الدول الكبرى أن تنفق الكثير من الأموال في سبيل الاستفادة منه، إذ تشير الإحصائيات إلى أن حجم سوق التعليم الإلكتروني في العالم يقدر بأكثر من (11) مليار دولار سنوياً تتركز نسبة ما بين (60-70%) منها في الولايات المتحدة الأمريكية، وقدّر حجم الإنفاق العربي على التعليم الإلكتروني خلال الأعوام القليلة الماضية بـ(15) مليون دولار، ومن المتوقع أن يرتفع إلى (50-60) مليون خلال العامين القادمين. وفي محيط الدول العربية تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في مقدمة الدول العربية من حيث الإنفاق والاستثمار في مجال التعليم الإلكتروني، حيث أن حجم سوق التعليم الإلكتروني فيها بلغ نحو (6) ملايين دولار أمريكي خلال عام 2003م ومن المتوقع أن يزيد إنفاقها خلال السنوات الخمس القادمة ليصل إلى (24) مليون دولار بنهاية عام 2008م.
ويُعرّف التعليم الإلكتروني بأنه: طريقة التعليم والتعلم باستخدام الوسائط الإلكترونية في عملية نقل وإيصال المعلومات بين المعلم والمتعلم مثل الحواسيب والشبكات، والوسائط مثل الصوت والصورة، ورسومات، والمكتبات الإلكترونية، والإنترنت وغيرها. وقد يكون هذا الاستخدام بسيطاً كاستخدام هذه الوسائل الإلكترونية في عرض ومناقشة المعلومات داخل القاعات، وقد يتعداه إلى ما يسمى بالفصول الافتراضية التي تتم فيها العملية التعليمية من خلال تقنيات الشبكات والفيديو وغيرها، وهو ما يعرف اصطلاحاً بالتعليم الإلكتروني عن بُعد.
وبالنظر إلى هذا المصطلح الجديد –التعليم الإلكتروني- نجد أنه يتكون من شقين أساسين هما: الجانب التربوي والتعليمي، والجانب الإلكتروني –التقني-، ونتيجة لهذا التكوين (تعليمي-تربوي، إلكتروني- تقني) وأسباب أخرى تنافست فئتان هما: فئة التربويين، وفئة التقنيين على أيهما أحق بالتعليم الإلكتروني وأيهما الأقرب؟ وأدى هذا التنافس إلى تحدٍ أمام تطور وتقدم هذا المجال الحيوي وخصوصاً في البلاد العربية.
ونظراً لزيادة انفتاح القطاعات التربوية والتعليمية العالمية والمحلية على مجال التعليم الإلكتروني، ولما يترتب على تحديد المهام وتوضيح المسار للعاملين في مجال التعليم الإلكتروني كلٌ في تخصصه، ولما يحققه ذلك من تقدم وتطور لهذه التقنية الحديثة، يحاول هذا المقال العلمي الإجابة عن السؤال التالي:
ما مهام التربويين والتقنيين في التعليم الإلكتروني؟