:
* عُلُوُّ الأَمِينِ الْبَدْءِ لَيْسَ لَهُ حَصْرُ ... تَحَلَّى بِهِ حَيًّا وَإِذْ ضَمَّهُ الْقَبْرُ *
* وَقَدْ كَانَ إِحْدَى الْمُعْجِزَاتِ وَمُحْسِنًا ... يُسَاءُ بِمَا يُولِي مِنِ احْسَانِهِ الدَّهْرُ *
* وَكَانَ يُجِيرُ النَّاسَ مِنْ صَرْفِ دَهْرِهِمْ ... فَأَوْدَى بِهِ دَهْرٌ لَهُ عِنْدَهُ ثَأْرُ *
* وَكَانَ مُعَدًّا لِلنَّوَائِبِ قَاتِـلاً ... لَهَا فَاسْتَثَارَتْ فَهْوَ مَطْلَبُهَا الْوِتْرُ *
* فَكَانَ لِهَذَا الْخَلْقِ سَعْدًا فَإِذْ مَضَى ... تَبَدَّلَ نَحْسًا بَعْدَهُ دَهْرُهُ النُّكْرُ *
* كَأَنَّ وُفُودَ الزَّائِرِينَ ضَرِيحَهُ ... وُفُودٌ طَبَاهَا نَحْوَهُ سَيْبُهُ الْغَمْرُ *
* غَلِيلٌ خَفَا فِي الْقَلْبِ مِنِّي لِفَقْدِهِ ... بِهِ لاَ تَنِي تَنْهَلُّ أَدْمُعِيَ الْحُمْرُ *
* وَلَوْ كَانَ فِي وُسْعِي الْقِيَامُ بِحَقِّهِ ... وَمَفْرُوضِ حَمْدٍ لاَ يَقُومُ بِهِ الشُّكْرُ *
* إِذًا لَمَلَأْتُ الأَرْضَ بِالشِّعْرِ نَائِحًا ... عَلَيْهِ بِشِعْرٍ مَا يُقَاسُ بِهِ شِعْرُ *
* وَلَكِنَّنِي كَلَّفْتُ نَفْسِي تَصَبُّرًا ... مَخَافَةَ نَوْحٍ عَنْهُ قَدْ جَاءَنَا الزَّجْرُ *
* فَقُلْتُ لِنَفْسِي لِلـرَّحِيلِ تَهَيَّئِي ... فَقَدْ نَادَتِ الأَحْوَالُ سَيْرًا أَيَا سَفْرُ *
* وَحِلْيَةَ تَقْوَى فَلْتَحَلَّيْ فَمَا يُرَى ... كَحِلْيَةِ حَالٍ بِالتُّقَى حَبَّذَا الذُّخْرُ *
* وَخَلِّي انْتِقَادًا لِلْقَضَا وَقِلاً لَهُ ... سَتَنْقَلِبِي لِلْقَبْرِ وَالْمَوْعِدُ الْحَشْرُ *
* وَحَيْثُ تَيَقَّنْتِ انْتِقَالَكِ سَلِّمِي ... إِذَا انْتَقَلَ الْمَحْبُوبُ وَلْيَكْفِكِ الأَجْرُ *
* فَلاَ تَحْسِبِي ابْنَ الْعَمِّ يَخْلُو مِنَ الرَّدَى ... وَلاَ أَنَّ نَجْلَ الْخَالِ يَخْلُو وَلاَ الصِّهْرُ *
* وَلاَ تَحْسِبِي الإِخْوَانَ تَبْقَى عَنِ الرَّدَى ... وَلاَ الْفَارِسُ السَّامِي وَلاَ الْغَادَةُ الْبِكْرُ *
* وَلاَ تَحْسِبِي شَكْلاً مِنَ النَّاسِ خَالِدًا ... فَلاَ الْعَبْدُ بَاقٍ عَنْهُ كَلاَّ وَلاَ الْحُرُّ *
* وَلَيْسَ يَقِي حِلْفَ الْجَمَالِ جَمَالُهُ ... وَمَا بِكَمَالٍ مُدَّ لِلْكَامِلِ الْعُمْرُ *
* وَمَا بِاجْتِنَابٍ وَامْتِثَالٍ أَخُوهُمَا ... يُرَدُّ وَمَا بِالْعِزِّ رُدَّ الْفَتَى الصَّدْرُ *
* وَمَا بِعُلُوٍّ رُدَّ عَالٍ وَلَوْ عَلَتْ ... مَعَالِيهِ وَالأَجْدَادُ وَالذِّكْرُ وَالْقَدْرُ *
* وَلَوْ بِعُلُوٍّ رُدَّ عَالٍ إِلَى الْعُلَى ... لَرُدَّ الأَمِينُ الْبَدْءُ فَانْجَبَرَ الْكَسْرُ *
* وَلَوْ بِالْبُكَا يَبْقَى فَتًى قَدْ تَصَرَّمَتْ ... لآلِي لَيَالٍ مِنْهُ زِينَ بِهَا الْعَصْرُ *
* مَلَأْنَا مِنَ الدَّمْعِ الْقِلاَلَ وَمِلْؤُهَا ... عَلَيْهِ إِذَا مَا الرُّزْءُ قِيسَ بِهِ نَزْرُ *
* وَلَوْ كَانَ يُفْدَى بِالنُّفُوسِ وَأَهْلِهَا ... وَأَمْوَالِهَا حِبٌّ بِهِ غُلِبَ الصَّبْرُ *
* فَدَيْنَاهُ مَعْ طِيبِ النُّفُوسِ بِهَا وَلَمْ ... نُبَالِ وَبِالأَمْوَالِ وَاسْتُعْذِبَ الْفَقْرُ *
* عَلَى أَنَّنَا نَرْضَى بِفِعْلِ إِلَهِنَا ... فَفِعْلُ الْعَلِي هُوَ الْجَمِيلُ لَهُ الأَمْرُ *
* وَكَالآلِ ذِي الدُّنْيَا وَكُلُّ الَّذِي حَوَتْ ... مِنَ الأَهْلِ وَالأَمْوَالِ لَوْ وَدَّهُ الْغُمْرُ *
* وَكُلُّ الَّذِي فِيهَا سَيَفْنَى جَمِيعُهُ ... وَيَبْقَى إِلَهُ الْعَرْشِ لاَ الْحَادِثُ الْغِرُّ *
* سَقَى جَدَثًا وَارَى الأَمِينَ أَخَا الْعُلَى ... حَبِيٌّ مِنَ الرِّضْوَانِ يُمْحَى بِهِ الْوِزْرُ *
* يَدُومُ انْهِمَالٌ مِنْهُ وَالرَّحَمَاتُ لاَ ... تَزَالُ بِهِ تَتْرَى كَذَا الْعَفْوُ وَالْغَفْرُ *
* فَيَالَكَ مِنْ قَبْرٍ بِهِ رُوصُ قَدْ عَلَتْ ... وَتَمَّ عَلَى كُلِّ الْبِلاَدِ لَهَا الْفَخْرُ *
* كَمَا تَمَّ فِي عَبْدِ الْوَدُودِ أَبِيهِمُ ... مِنَ الْفَخْرِ مَا قَدْ شَادَهُ الْوَلَدُ الْبَرُّ *
* فَيَا رَبِّ بَارِكْ فِي بَنِيهِ وَنَجِّهِمْ ... مِنَ الشَّرِّ وَالْمَكْرُوهِ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ *
* وَفِي الْغُرِّ آلِ الْحَاجِ أَحْمَدَ قَوْمِهِ ... فَهُمْ شُرَفَاءُ الأَرْضِ وَالْمَعْشَرُ الزُّهْرُ *
* بِجَاهِ النَّبِي صَلَّى وَسَلَّمَ رَبُّهُ ... عَلَيْهِ عَدِيدَ الطَّيْسِ مَا طَلَعَ الْفَجْرُ *