نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية مقالا لفريد زكريا يتناول فيه تركيز الولايات المتحدة في خلافها مع كوريا الشمالية على نظام الحكم وترسانته النووية الصغيرة، وإغفالها احتمال الانهيار التدريجي لنظام كوريا الشمالية.
ويقول الكاتب إن على الولايات المتحدة التصرف على أساس أسوأ الاحتمالات، وأن هناك ما هو أخطر من مواجهة نظام كوريا الشمالية وترسانتها النووية، ألا وهو احتمال تآكل ثم انهيار ذلك النظام وتداعياته.
ويرى زكريا أن أكثر الدروس عبرة في الأزمة المالية (الأخيرة) هو "الإوز الأسود"، وهي نظرية ابتكرها نسيم نيكولاس، وترمز إلى أحداث بعيدة الاحتمال ولكنها إذا وقعت قد تسبب إرباكا عظيما.
وضع متفاقم
وتواجه كوريا الشمالية حالة مقلقة من عدم الاستقرار، فقد مرت عليها سنة صعبة شهدت محاولة فاشلة لإعادة تقييم العملة الوطنية، وازدياد وطأة أزمة الغذاء والمجاعة. ذلك بالإضافة إلى توتر في الساحة السياسية الداخلية قد يكون ناجما عن محاولات الرئيس كيم جونغ إيل جعل ابنه خليفة له.
يعزو الكاتب التوتر الداخلي إلى محاولة كيم جونغ إيل تنصيب ابنه خلفا له (الفرنسية)
كل ذلك يأتي في وقت أصبح فيه الكوريون الشماليون أكثر اطلاعا على العالم الخارجي، فهناك اليوم 200 ألف مشترك في خدمة الهاتف الجوال، والأقراص المدمجة التي تحتوي على أفلام غربية تباع بشكل واسع في السوق السوداء.
ويتساءل الكاتب عما سيحصل لو أن شعب كوريا الشمالية علم بحقيقة ما يجري في جنوب بلاده، حيث الحداثة والرفاهية والديمقراطية، ويجيب بأن مثل تلك المعلومات من الممكن أن تسبب عدم ارتياح واسعا، وسيسعى الكوريون الشماليون إلى الهجرة إلى الجنوب، حيث المال والأعمال والحرية في انتظارهم.
أبواب جهنم
ويحذر الكاتب من هذه النقطة التي يتوقع حدوثها في أي لحظة، ويقول إن أبواب جهنم ستفتح إن لم تبدأ كل من كوريا الجنوبية والصين والولايات المتحدة بالتخطيط والاستعداد لمثل ذلك الاحتمال.
ويقول الكاتب -الذي كتب مقاله من العاصمة الكورية الجنوبية سول- إنه قد فاتح المسؤولين في كوريا الجنوبية بمخاوفه، ولكنها قوبلت بالاستهجان والإهمال. ثم يعود الكاتب إلى إعطاء مثال بتوحيد ألمانيا عام 1990، ويقول إن ألمانيا الغربية قد كرست 5% من ناتجها القومي لعقد كامل لتمويل تبعات إعادة التوحيد، ولكن مهمة كوريا الشمالية أصعب من ألمانيا بكثير لأن كوريا الشمالية أكبر وأفقر بكثير مما كان يعرف بألمانيا الشرقية.
ويعتقد الكاتب أن مقاومة الصين لأي ضغوط على كوريا الشمالية ليس دافعها التعاطف الصرف مع نظامها، بل قلقها العميق من انهيار ذلك النظام والهجرة العظيمة التي ستتبع مثل ذلك الانهيار، ليس فقط إلى الجنوب بل إلى الشمال أيضا، إلى الصين نفسها.
وانصب تركيز واشنطن على أسلحة كوريا الشمالية النووية، ولكن حل تلك المعضلة يكمن في أن تناقش الولايات المتحدة والصين خارطة طريق للقواعد والإجراءات التي يجب اتباعها إذا انهار نظام كوريا الشمالية.
تساؤلات للمستقبل
"
يتساءل الكاتب عن موقف الصين من احتمال ولادة كوريا موحدة نووية وحليفة للولايات المتحدة على تخومها
"
ثم يورد الكاتب أسئلة عديدة عن شكل الأوضاع إذا انهار نظام كيم جونغ إيل وتوحدت الكوريتان؛ فهل ستكون كوريا الموحدة حليفة للولايات المتحدة؟ وهل ستحتفظ بالترسانة النووية الموروثة من الشمال؟ وهل ستبقى القوات الأميركية في البلاد؟.
إذا كان الجواب لتلك الأسئلة هو نعم، فإن ذلك يعني أن كوريا الموحدة ستكون حليفا نوويا للولايات المتحدة على تخوم الصين، فكيف سيكون موقف الصين من ذلك؟.
يعتقد الكاتب أن من السهولة بمكان تصور الفوضى تعم شبه الجزيرة الكورية إذا انهار نظام بيونغ يانغ، وأن المواجهة بين الولايات المتحدة والصين هناك لن تكون ناعمة مثل مواجهتهما الأخيرة بشأن العملة الصينية اليوان، فنحن نتكلم هنا عن حدث سيهز الوضع الجيوسياسي في المنطقة.
ويختتم الكاتب مقاله بأن ما ورد هي أسباب كافية لأن تجلب الولايات المتحدة والصين وكوريا الشمالية إلى طاولة المفاوضات، ليتحدثوا ويتباحثوا بشأن "الإوز الأسود".
المصدر: واشنطن بوست