وقفنا ذات يوم ننظر إلى "غريب" فصاح في وجوهنا:ويحكم جميعا لماذا ترفضونني الكل يسخر مني و يستهزئ بي, أنا لست غريبا بينكم أنا واحد منكم. لماذا تعتبروني شاذا و حالة استثنائية,أنا لست كذلك.
ويحكم جميعا أنسيتم تلك الأيام التي عشناها معا ,أنسيتم عندما كنا ننزل إلى الوادي و فنصطاد الطيور على ضوء الشفق الأحمر ثم نشويها شيا فنتلذذ بأكلها. أنسيتم عندما كنا نلعب الكرة معا فنسجل الأهداف و نحطم الأبطال فكنا نحن الأبطال.أونسيتم كل ذلك,تبا لكم أنتم تنكرون الجميل...
لماذا لا تريدون أن تفهموني ,أنا لست أحمق ولا فاقدا للعقل,أنا فقدت كل شيء ,الأصدقاء و الأحباء,كل شيء إلا العقل.أنا لست ميتافيزيقيا و لم آت من عالم آخر.أنا واحد منكم أحس كما تحسون فأسعد بما تسعدون به و أشقى لما تشقون له. لماذا تنظرون إلي هكذا و لماذا تتناجون. أنا لست خياليا و لا متخيلا, أنا واقعي بطبعي و منطقي,لماذ لا يتحدث أحدكم,هيا قولوا شيئا, لماذا لا تتكلمون.
(ثم ساد المكان صمت لمدة قصيرة و قد وضع "غريب" يده على جبهته مطأطأ رأسه إلى الأرض...)
ثم استسرد في كلامه (بنبرة حزينة):
فقط كونوا مطمئنين فلن يطول مكثي بينكم,قريبا سأغادر هذا العالم و سأنتقل إلى عالمي الذي شيدته بيدي و أفنيت زهرة عمري من أجل ذلك.عما قريب سأودعكم جميعا واحدا واحدا وسأقبل أيديكم جميعا فردا فردا. أنا لن أنكر جميلكم يوما,فأنتم السبب في وجودي و أنا نتاج جهدكم و جهادكم.أنا لست ممن ينكرون الجميل.
أنا أتذكر ذلك اليوم عندما كنت وحيدا ضعيفا محروما فأعنتموني حتى تقويت و استقمت,لن أنسى ذلك اليوم الذي كدت فيه أن أموت من شدة البرد فأويتموني و كسوتموني.لن أنسى ذلك يوما أن أغمي علي فيه من شدة الحر في الصيف فأنقذتموني.لن أنكر جميلكم يوم أن كنت أتضور جوعا فوفرتم لي المأكل و المشرب.
أنا لا أكرهكم و لا أكن لكم و الله إلا الحب و لا أتمنى لكم و الله إلا السعادة ولكنني أعرف أنكم تكرهوني و لا تتحملون مكثي بينكم . أعرف أنني سبب شقائكم فلا يهنؤ لكم بال في حضوري و لا تستوعب عقولكم أفكاري ولا تطمئن قلوبكم لمشاعري.
لن أنغص عليكم عيشكم و لن أحول دنياكم إلى جحيم و لدى قررت أن أرحل. الرحيل ... إنه قدري المحتوم.
غريب زكي 15/01/2008